[b]مقدمه:-
كثيرا ما يشكو الآباء من أبنائهم وبناتهم في سن المراهقة ويكون مصدر الشكوي وجود مظاهر معينة في سلوك هؤلاء الأبناء والبنات وتعتبر في نظر الأهل اضطرابات سلوكية وهي في الحقيقة مظاهر للنمو الطبيعي في هذه المرحلة من العمر.
ولقد نالت مرحلة المراهقه كثير من الاهتمام من قبل الباحثين والدارسين باعتبار أنها الميلاد الثاني للكائن البشري وتحدث فيها كثير من التغيرات التي تحتاج إلي صبر للكشف عن طبيعتها للتعرف علي أفضل الشروط الواجب توافرها لكي تحدث هذه التغيرات بصورة سوية وتجنب الفرد كثير من الاضطرابات والنمو غير السوي .
ما هي المراهقه :-
تعد مرحلة المراهقة مرحلة من مراحل النمو تقع في العقد الثاني من حياة الفرد بين الطفولة والرشد , وتشمل السنوات التي تمتد من11 إلي سن 20 تقريبا غير أنه توجد فروق فردية في سن بلوغ ونهاية هذه المرحلة وتجدر الإشارة إلي أنه من السهل تحديد بداية المراهقة حيث تتحدد بالبلوغ الجنسي ولكن من الصعب تحديدا نهايتها حيث تتحدد هذه النهاية بالوصول إلي النضج في مظاهر النمو المختلفة .
وقد يفيد ما أوضحناه أن نحدد الخصائص التي تصف فترة المراهقة .
خصائص المراهقة :-
تتميز فترة المراهقة بأن يكون النمو فيها طفري حيث تتميز التغييرات التي تحدث في مظاهر النمو المختلفة بالسرعة والشدة والعمق والجذرية بصورة تجعل المراهق يفاجأ ويصعب عليه استيعابها ومن أهم خصائص هذه المرحلة:-
1) البلوغ الجنسي :
ويدل علي الفترة التي يحدث فيها تغييرات فسيولوجية يتم بواسطتها نضج الغدد الجنسية ( التناسلية ) وظهور المعالم الجنسية ويصبح الفرد قادر علي المحافظه علي نوعه واستمرار سلالته .
ويمر البلوغ الجنسي عند كلا الجنسين في مراحل تبدأ بظهور المظاهر الثانوية مثل خشونة الصوت عند الذكور وبروز الثديين عند الإناث ثم تبدأ إفرازات الغدد الجنسية وأخيرا تصل المظاهر الثانوية والأعضاء التناسلية إلي تمام وظيفتها وعندئذ قد يشعر المراهق بالخجل الأمر الذي يدفعه إلي الانطواء وإذا صاحب ذلك إحساس بالذنب فربما أدي ذلك إلي شعوره بالاكتئاب وبعدها يدور في دوامه من الأحاسيس ويحتاج إلي علاج نفسي وإلي رعاية خاصة من الأهل .
ويختلف المدي الزمني لمرحلة البلوغ هذه عند الأفراد – تبعا لعوامل أهمها :-
(أ) اختلاف الجنس :
فنوع الجنس يحدد البداية لمرحلة البلوغ فهي تبدأ عند الإناث مبكرا عن الذكور .
(ب) العوامل الوراثيه :
فالوراثة أيضا من العوامل التي تحدد بداية مرحلة البلوغ فالأبناء الذين ينحدرون من أباء أقوياء أشداء ويتمتعون بصحة جيده يكون البلوغ الجنسي عندهم مبكرا عن هؤلاء الذين ينحدرون من أباء أو سلالات ضعيفة .
(ج) نوع وكمية الغذاء :
فالغذاء الذي يكون مكتملا بجميع العناصر الغذائية المتناسق من حيث التنوع يؤدي إلي التبكير في الوصول إلي البلوغ الجنسي .
(د) البيئة الجغرافية :
فيبلغ الأفراد النضج الجنسي في المدن قبل القري وفي المناطق المعتدلة أسرع من سكان المناطق الحارة والباردة .
ويرتبط بالبلوغ الجنسي من الناحية النفسية كثير من مشاعر الحيرة والتناقض والقلق والخجل وقد تنتاب البالغ الزهو الاستعراض والاعتزاز إذا كان هذا البلوغ مقترنا بنمو جسمي طبيا ونمو في الميول والقدرات .
2) النمو الجسمي السريع :
ويظهر في ازدياد الطول ونمو – العضلات وزيادة الوزن بصورة قد تجعل المراهق يستغرب هذه التغيرات فيشعر بالحرج بين أخوته وزملائه كما قد يكون مفعما بالحيوية والنشاط والزهو من كونه يسعي حثيثا نحو عالم الكبار . أما إذا اقترنت المراهقة بنمو جسمي ضعيف ومختلف عن الأفراد العاديين فإن هذا يقترن لدي المراهق بمشاعر النقص .
3) التغير الواضح في التفكير :
حيث يميل المراهق إلي التفكير الخيالي ولعل من أبرز سمات المراهق اتجاهه إلي الخيال مما قد يؤدي إلي وجود ظاهرة أحلام اليقظة في حياته وربما اختلاق القصص الوهمية وتلفيق الأكاذيب ويصحب هذا الميل إلي الخيال والتفكير الخرافي والاتجاه إلي الأفكار الفلسفية والنواحي الفنية
وتتنوع القدرات والميول وينمو الذكاء وتتفجر طاقات لم تكن موجودة من قبل وينقل تفكير المراهق من الحدود الضيقة إلي أفاق أرحب وتزداد الأحلام والرؤى فيتطلع المراهق إلي الابتكار والإبداع ومن الناحية الاجتماعية فإن شبكة العلاقات التي يعيش فيها ينتابها كثير من التغيرات نتيجة تغيير مفاهيم وصور كثيرة لديه .
4) تأرجح الانفعالات :
فالمراهق لا يثبت علي حال أو يقف معتذرا كما معينا أو فكرة بذاتها ومن يحدث ما يمكن أن نسمية بالانفعالات العاطفية أو الاضطرابات العاطفية التي تظهر لأسباب بسيطة أو تافهه كما تظهر الحساسية المفرطة في كل تصرفاته .
5) السعي إلي الاستقلال :
وهنا يرفض المراهق أي اقتراح يقدم إليه ويعاند بشدة في أمور لا تحتمل العناد كما أنه يميل إلي أن يحدد لنفسه وللآخرين الأشياء التي تخصه ويمتلكها تميزا له عن ملكيات الآخرين .
6) محاولة إثبات الذات :
وذلك عن طريق أن يتحدث بصوت مرتفع وثقة ورفع الكلفة بينه وبين الكبار ومحاولة اتخاذ مظهر الكبير في الملبس والتصرفات وفرض رأيه علي الآخرين .
7) محاولة إشباع الرغبات الجنسية :
وهناك وبعد أن يشعر المراهق باكتمال نموه الجسمي والجنسي فإنه يحاول مدفوعا بهذه القوة الجديدة والنشاط الواضح أن يمارس حياته كما يحب فيصطدم بالتقاليد والقيم والعادات الاجتماعية وكذلك فقد لا يلجأ في هذه الناحية إلي الوسائل غير الطبيعية .
الحركة الزائدة :
فالمراهق من فرط نشاطه وحيويته الناتجين من نموه يصبح لديه الرغبة العارمة في التحول الزائد لا يستقر في مكان واحد والذهاب إلي هنا وهناك وربما أدت هذه الحركة الزائدة إلي الاشتباك مع الأخرين والشجار والاعتداء عليهم .
9) إشباع الدوافع الاجتماعية :
وتظهر هذه الرغبة لديه في محاولة أن يكون لديه عدد كبير من الأصدقاء وانضمامه إلي بعض الجماعات سواء كانت موجودة سابقة التكوين أو يسعي إلي تكوينها مع غيره من الأصدقاء أو في محاولة ممارسة بعض الأنشطة الاجتماعية والرياضية والواقع أن كل هذه المظاهر هي علامات في طريق النمو وتظل في دائرة السواء ما لم يتخطاها إلي محاولة تعطيل إنتاجية المراهق أو عدم رضائه علي نفسة أو عدم رضاء المجتمع عنه ومن الأفضل أن يتسم تقدير المجتمع له وتصرفاته معه باتساع الأفق وسعة الصدر فقد يحدث ما لم يكن في الحسبان وتنقلب هذه المظاهر السابقه إلي عكسها بفعل عدة عوامل عامة أهمها : -
1- عدم تناسب سرعة النمو النفسي للمراهق مع النمو الفكري والاجتماعي .
2- تعارض الميول والانفعالات الجديدة مع قيود المجتمع وظروفه فالميل نحو الجانب الآخر يقابل باعتراض شديد ونفور وتأنيب وبخاصة في المجتمعات الشرقية مثل مجتمعنا مما يشعر المراهق بأنه ارتكب ذنبا لا يغتفر وقد يدفعه إلي الانطواء والاكتئاب والعزلة .
3- الاستهانة بقيمته كشخص مستقل له أفكاره ونزعاته وميوله الخاصة ومحاولة الحط من آرائه ومن كيانه والتدخل في استقلاله .
4- محاولة فرض أسلوب محدد ينظم حياته ووقته والتدخل في اختيار أصدقائه وهواياته مما يثير الكثير من المتاعب والصعوبات وحتى إذا رضي الشباب بذلك فإنه يلجأ إلي الخضوع والانطواء أو يرفض فقد يلجأ إلي الثورة والانحراف وكلا الاتجاهين ضار وخطير .
5- عدم إتاحة الفرصة أمامه للاطلاع وتوسيع مداركه وممارسته وهوايته واختيار قدراته في حدود الظروف المتاحة .
6- الإصرار علي معاملته كطفل لم ينضج بعد مما يؤذي شعوره أو إهماله تماما وترك الحبل علي الغارب باعتباره ناضجا مسئولا الأمر الذي يعرضه للشعور بفقدان الدعم وعدم الإحساس بالأمان كما يهيئ له ذلك فرص الانحراف والشذوذ .
إن تجنب هذه التصرفات السابقة من جانب الوالدين يمنع وقوع الشباب في مرحلة المراهقة في مشاكل واضطرابات نفسية عديدة ولذلك يجب علي الوالدين والعاملين مع المراهقين أن يكون تعاملهم مع الأبناء والبنات تعاملا حذرا واعيا فاهما لطبيعة هذه المرحلة حتى يجنبوهم التعرض للمشاكل والأزمات ويقونهم شر الوقوع في أضرار ومتاعب لاحدود لها .