walid
عدد الرسائل : 9 تاريخ التسجيل : 29/09/2008
| موضوع: كيف نتعامل مع الأزمة المالية العالمية؟ السبت 1 نوفمبر - 17:43:34 | |
| | |
|
كيف نتعامل مع الأزمة المالية العالمية؟ بقلم : د. علي عبدالعزيز سليمان وكيل أول وزارة الاقتصاد والتعاون الدولي( سابقا)
|
|
|
|
استعرضنا في مقالنا السابق جريدة الأهرام2008/10/11 أسباب الأزمة المالية العالمية وتأثيرها المحتمل علي الاقتصاد المصري, ولقد أوضحنا في ذلك المقال أن الأزمة أعمق وأكبر مما توقعنا جميعا. وأن اللهاث وراء الربح السهل, وتعقيدات المال في النظام الرأسمالي الجديد قد خدعت الكثيرين, ولقد ظهر أن الأزمة التي تهز أركان النظام المالي والاقتصادي في العالم لن تنتهي بسهولة, وأن هناك خوفا أن تجر الاقتصاد العالمي إلي قاع رهيب.
وسنحاول في هذا المقال أن نقدم بعض الحلول المناسبة لاحتواء الأزمة وتحصين الاقتصاد المصري من العدوي, ولكي ننجح في تقديم الحلول يجب أن نستعيد الأسباب الحقيقية للأزمة, وأن نتعرف علي آليات الربط بين الاقتصاد المصري والأجنبي التي تتسرب من خلالها العدوي من التقلبات الاقتصادية العالمية. ولن تقتصر توصياتنا علي الإصلاحات المطلوبة في سوق المال, وبل وستمتد إلي قطاعات الإنتاج المباشر التي لم تحظ بالاهتمام الكافي في السنوات الأخيرة, ومن الواجب أيضا أن نبين أن بعض هذه الحلول يجب أن يتم علي المستويين العربي والإقليمي, حيث إن هذه الأزمة المالية, كما أكد رؤساء الدول الصناعية الكبري لا يمكن التعامل معها, ونحن في إطار اقتصاد عالمي متكامل, علي المستوي القطري وحده.
آليات العدوي: تتأثر مصر, التي أصبحت جزءا من الاقتصاد العالمي, بالأزمة لأسباب مباشرة وغير مباشرة:
ولعل أولي آليات التأثر المباشر بأسواق المال الأجنبية هي عن طريق عمليات المضاربين الأجانب, واستخدام شهادات الإيداع العامة التي تسمح بتداول الأسهم المصرية في سوق لندن, أما الأسباب غير المباشرة فتتعلق بالارتباط الحقيقي بين أسواق السلع والخدمات بين مصر والخارج. فإذا توقع المنتجون المصريون حدوث كساد كبير في الأسواق يؤدي إلي انخفاض الصادرات المصرية وتراجع السياحة الأجنبية, انخفضت أسعار الأسهم.
أما آليات العلاج المقترحة فهي: زيادة إنتاجية وتنافسية قطاع الإنتاج الحقيقي: ومن الواجب في البداية أن ننوه إلي أن أحد أهم إنجازات السياسة الاقتصادية منذ أيام الانفتاح الأولي( أي منذ35 عاما) كانت في زيادة ربط الاقتصاد المصري بالاقتصاد العالمي, واعتبرنا هذا انتصارا للمنطق الاقتصادي في عالم يزداد انفتاحا وتنافسية, وفتح هذا القرار الباب أمام استفادة مصر من موقعها الوسيط, وشعبها الخلاق, وخبراتها التاريخية في مجال الإنتاج والصناعة, وعلي ذلك لا يمكن أن نطالب اليوم بغلق الأبواب, أو بعزل مصر عن السوق العالمية.
ومع ذلك; فإن الأزمة المالية الحاضرة, وما سبقها من أزمة جنوب شرق آسيا منذ عشر سنوات, أكدت أهمية أن يكون الانفتاح علي العالم مستندا إلي سوق إنتاجية وتنافسية قوية, وللأسف فقد تراجعت مصر حسب مقاييس التنافسية العالمية, ومازالت بعض قطاعات الإنتاج التقليدية تعاني تخلفا كبيرا, وبالرغم من التقدم الكبير الذي تحقق في توليد الكهرباء وتوصيل مياه الشرب إلي المدن والأرياف, فما زالت قضايا التسرب والهدر في هذه القطاعات كبيرة.
ولعل أول مكونات برنامج زيادة القدرة التنافسية للاقتصاد المصري هو الاستمرار في خطط تطوير البنية الأساسية التي بدأت منذ تولي الرئيس حسني مبارك في أوائل الثمانينيات بما في ذلك التوسع إلي خطوط مترو الأنفاق وتحسين وسائل الانتقال بين المدن. ومن المؤسف أن نشاهد التدهورالذي أصاب بعض هذه المرافق أخيرا, حيث أصبحت أعطال مترو الأنفاق متكررة, وأصيبت العاصمة ومدن أخري بتخمة مرورية نتيجة إهمال النقل العام, وتدهور أخلاقيات الطريق العام. وحتي مرفق السكك الحديدية الذي كان أول مرفق من نوعه في الشرق أصبح يعاني قلة الاستثمارات, بل ومن الأعطال الناتجة عن سرقة القضبان وأعمدة الإشارات.
ـ زيادة الرقابة علي المؤسسات المالية والبنوك: أجمع قادة الدول الغربية علي أن غياب الضوابط الصارمة كان وراء تفاقم أزمة الرهن العقاري, ونادي الرئيس الفرنسي ساركوزي بمعاقبة المسئولين عن الأزمة. وأوصي قادة الدول السبع الكبري بأن يكون هناك إطار رقابي قوي, بل وتدخل حكومي سافر في أداء الأسواق, وسوف نقترح اختصار بعض التوجهات الرقابية التي قد تأخذ بها السلطات المصرية في تنظيم عمليات سوق المال لزيادة حصانة الاقتصاد المصري في وجه العدوي من تقلبات الأسواق الأجنبية..
ولعل أول هذه الإجراءات هو زيادة الرقابة علي الاستثمارات المالية للأجانب في السوق المصرية, ولعل الوقت قد آن لتقويم دور الأموال الأجنبية في البورصة المصرية, وعدم تشجيع الأموال الساخنة علي اللعب فيها. والمقصود بالأموال الساخنة هي تلك التي تدخل وتخرج من الأسواق لفترات قصيرة, التي قد تجري مضاربات غير مبررة علي الأسهم, ولقد رأينا كيف أن تعاملات الأجانب لها تأثير قوي علي مؤشر البورصة المصرية.
أنجع هذه السبل هو فرض ضريبة بسيطة علي الأرباح الرأسمالية التي يحققها الأجانب علي العمليات قصيرة الأجل. إذ من المنطقي, إذا كان الغرض من السماح للأجانب بدخول البورصة المصرية هو توفير التمويل اللازم للتنمية الاقتصادية, أن ينحصر الإعفاء الضريبي للأرباح الرأسمالية ـ القائم اليوم ـ علي التمويل متوسط وطويل الأجل. ولقد فرضت ألمانيا مثل هذه الضريبة بمعدل15% من الأرباح الرأسمالية التي يحققها الأجانب. ويقترح الاقتصادي الفرنسي وردWarde أن يتناسب معدل ضريبة الأرباح الرأسمالية عكسيا مع فترة الاحتفاظ بالسهم, فكلما زادت مدة الاحتفاظ بالسهم قل معدل الضريبة. (ب) كذلك ننادي بأن تراجع هيئة سوق المال القواعد التي تحكم التجارة بالمشتقات في البورصة المصرية, وكانت وزارة الاستثمار قد هيأت لدخول تجارة المشتقات بتغيير اللائحة التنفيذية لهيئة سوق المال, وبالسماح بالمضاربة علي اتجاهات مؤشرCAS.30 ونحن في مصر لم نوضح موقفنا تماما من موضوع المشتقات, ومن اللازم مراجعة هذه التجارة, والاستماع إلي الأصوات العاقلة التي بدأت تظهر في الغرب التي أصبحت تسمي هذه المشتقات أسلحة الدمار الشامل, وسبق أن سببت إفلاس بنك بارنجز العتيد. ولعل من الأجدي الانتباه إلي الموانع الشرعية التي تحرم الغرر في التجارة الذي ينشأ عن بيع أصول أو بضاعة لا نمتلكها, أو ما يسمي في لغة اليوم بالبيع علي المكشوف. (جـ) مراجعة التوسع في الإقراض العقاري والاستهلاكي, وهنا نؤكد التوصية بأن يعمل البنك المركزي المصري ليس فقط علي الابتعاد عن استخدام الائتمان المصرفي في المضاربات العقارية, بل أيضا في التركيز علي استخدام هذا الائتمان في زيادة القدرة الإنتاجية في الاقتصاد المصري. ومن الممكن في هذا المجال العمل علي ربط التسهيلات المصرفية التي يتيحها البنك المركزي للبنوك, بتوسع هذه البنوك في تقديم القروض الإنتاجية والتصديرية, وتلك التي تسهم في إيجاد فرص العمل.
ـ الاهتمام بالتنسيق العربي في رفع القدرات الإنتاجية للمنطقة والتخفيف من الانكشاف علي الخارج: وللأسف مازالت خطط تشجيع الاكتفاء الغذائي العربي تتعثر, ومازالت طرق النقل البري والجوي والبحري بين البلاد العربية مقصورة علي استيفاء احتياجات نقل الأفراد والبضائع.
ومع التخمة المالية التي تتمتع بها الدول المصدرة للنفط, لم يعد هناك عائق مالي يمنع بناء سكك حديدية تربط الدول العربية, أو تحسين أسطول النقل البحري وإزالة التكدس في محور ميناءي نويبع والعقبة. كذلك حان الوقت للإسراع بمشروعات الأمن الغذائي وتغطية فجوة إنتاج المواد الوسيطة من أسمدة ومبيدات وأعلاف التي تحتاجها الزراعة العربية. ولعل شعار المرحلة المقبلة الاقتصادي يكون زيادة الادخار القومي وتشجيع الاستثمار في القطاع الإنتاجي والخدمي والعمل علي زيادة القدرة التنافسية للاقتصاد المصري. |
|
|
|
| |
|